للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {جَعَلَ فِيكُمْ} "في" هذه للظرفية وينبغي أن نجعلها على معناها، وأن لا نجعلها بمعنى "من"، أي: منكم أنبياء، بل نقول: فيكم؛ لأن النبي يكون من سطة قومه، ومن أشراف قومه، وهي كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ٢].

قوله: {أَنْبِيَاءَ} فيها قراءتان: {أَنْبِئَاء}، {وَأَنْبيَاء} ,

وكلاهما قراءة صحيحة؛ لأنهما سبعيتان، وهل المراد هنا بالأنبياء الرسل أو الأنبياء الذين دون الرسل؟ يحتمل هذا وهذا؛ لأن فيهم رسلًا وفيهم أنبياء بلا رسالة.

قوله: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} أي: صيركم ملوكًا، وتأمل الفرق بين الأنبياء والملوك، الأنبياء قال: {فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ} الملوك، قال: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} فهل معنى العبارة الثانية كالأولى؟ ولكنه جعل الملك عامًا؛ لأن أي واحد منهم يمكن أن يكون ملكًا بخلاف النبوة، فإنها من عند الله، ولهذا قال: {فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ} ولم يقل: جعلكم أنبياء، أو يقال: جعلكم ملوكًا، والملوكية هنا ملكية نسبية اعتبارية، أي: باعتبار كونكم خدمًا أذلاء لآل فرعون أصبحتم الآن أحرارًا تملكون أنفسكم، ولا أحد يقيدكم فيما تريدون؟ الجواب: يحتمل المعنى هذا وهذا, ولا شك أن هذا وهذا حصل.

قوله: {وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} "وآتاكم" بمعنى: أعطاكم، والفرق بين "أتاكم" "وآتاكم"، أن "أتاكم" بمعنى: جاءكم، "وآتاكم" بمعنى: أعطاكم، ولهذا آتاكم تنصب مفعولين، لكن ليس أصلهما المبتدأ والخبر، المفعول الأول في

<<  <  ج: ص:  >  >>