للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يستغني بفراش يجلس عليه وفراش ينام عليه ووسادة يتكئ عليها, لكنه أراد أن يفعل ما يفعله الأغنياء من أن يملأ البيت كله فراشًا وأن يأتي بفراش فخم، وما أشبه ذلك، نقول: لا تتعب نفسك فإن هذا من الإشقاق على النفس وأن يُلْحِقَ الإنسان دَيْن، في ذمته فيعجز، وفي الأمثال العامية: (مد رجلك على قدر لحافك)؛ لأنك لو مددتها مستطيلة واللحاف قصير، طلعت فأصابها البرد.

* * *

° قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٠٤)} [المائدة: ١٠٣ - ١٠٤].

قوله: {مَا جَعَلَ} {مَا} نافية، والجعل هنا بمعنى الشرع، أي: ما شرع الله، واعلم أن {جَعَلَ} تأتي بمعنى خلق وبمعنى صير وبمعنى شرع.

القسم الأول: تأتي بمعنى خلق مثل قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: ١] وجعل التي بمعنى خلق لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد.

القسم الثاني: وتأتي بمعنى صَيَّرَ، وهذه تتعدى إلى مفعولين، مثل قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (١١)} [النبأ: ١٠ - ١١]، وقوله: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبياء: ٣٢] والأمثلة في هذا كثيرة، وبهذا نعرف ضلال الجهمية

<<  <  ج: ص:  >  >>