للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذين استدلوا بقول الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)} [الزخرف: ٣] حيث قالوا إنَّ معنى قوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ} أي: خلقناه، فيقال: هذا دليل على لُكْنَتِهِمْ وعدم معرفتهم باللغة العربية؛ لأن (جعل) إذا تعدت إلى مفعولين فإنها لا تكون بمعنى خلق أبدًا، بل تكون بمعنى صير.

القسم الثالث: تأتي بمعنى شرع كما في هذه الآية، هنا يتعين أن تكون بمعنى شرع، ولا يجوز أبدًا أن نجعلها بمعنى صير أو خلق؛ لأن الأمر واقع، فالبحيرة موجودة والسائبة والوصيلة والحام كذلك موجود، وعليه فنقول: {مَا جَعَلَ اللَّهُ} أي: ما شرع الله.

قوله: {مِنْ بَحِيرَةٍ} {مِنْ} هذه زائدة للتوكيد، أي: لتوكيد النفي، ولهذا نقول عند إعرابها: "من" حرف جر زائد زائد، كيف يحل هذا اللغز، هل زائد الثانية توكيد للأولى؟

الجواب: زائد في الإعراب يعني أنه لو حذف لاستقام الكلام، وزائد في المعنى؛ لأن كل شيء في القرآن لا يمكن أن يزاد بلا معنى إطلاقًا، إذ إن زيادة الكلمة أو الحرف بدون معنى لغو، والقرآن منزه عن هذا، إذًا: هي زائدة إعرابًا زائدة معنى، والذي زادته في هذا السياق توكيد النفي.

وقوله: {مِنْ بَحِيرَةٍ} البحيرة والسائبة والوصيلة والحام هذه أسماء لها اصطلاحات مختلفة عند العرب، خلاصتها: أنها إما أن تكون لآلهتهم وإما أن يحرموها أكلًا وركوبًا وانتفاعًا بلبنها وأصوافها وأوبارها، وهم على اختلاف بينهم متى تكون بحيرة ... إلى آخره، لكن علامة البحيرة عندهم أن تشق أذنها

<<  <  ج: ص:  >  >>