ينبؤهم تهديد؛ لأنه إذا نبأهم بما صنعوا، فما بعد ذلك إلا الجزاء بما يستحقون.
وقوله:{بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} أي: بما كانوا يعملونه من نسيان الحظ مما ذكروا به.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: إقامة الحجة على الخصم بما يدعيه، لقوله:{قَالُوا إِنَّا نَصَارَى}؛ لأنه تقدم أن الحكمة من قوله:{قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} دون قوله: ومن النصارى؛ لإقامة الحجة عليهم بما ادعوه، فهم يدعون أنهم نصارى، ومع ذلك نسوا حظًّا مما ذُكِّروا به.
لو قال قائل: سمى الله الذين يَدَّعون أنهم أتباع عيسى بالنصارى وهم يسمون أنفسهم بالمسيحيين، ويرفضون نسبتهم إلى النصرانية، ما السبب في ذلك؟
الجواب: السبب في ذلك أنهم إذا انتسبوا إلى المسيح انتسبوا إلى دين وإلى رسول دينه حق، وهذا أهون من قولهم: إنا نصارى، لا سيما إذا قلنا: إن كلمة النصارى نسبة إلى بلد تسمى الناصرة؛ لأن النسبة حينئذٍ تكون نسبة أرضية وطنية، لكن إذا قلنا: مسيحيون صارت نسبة إلى رسول متبوع، كما يسمي أهل التحريف أنفسهم بأهل التأويل، قالوا ذلك تلطيفًا للأمر وجعل هذا الشيء أمرًا مقبولًا؛ لأنهم لو قالوا: أهل التحريف؛ ما تبعهم أحد.
الفائدة الثانية: أن الله سبحانه وتعالى لم يغفل أمةً من الميثاق الذي أخذه عليهم، لما تقدم أنه أخذ الميثاق على اليهود،