للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: ٢٠]، ولم يقل: لما عبدناهم، ووجه ذلك: أنه لا يتناسب التوكيد باللام مع الاقتران بـ (ما)، لكن مع ذلك تأتي في اللغة العربية كما في قول الشاعر:

ولو نعطى الخيار لما افترقنا ... ولكن لا خيار مع الليالي

قال: لما افترقنا، المعنى لو كان الأمر بأيدينا لما افترقنا، ولكن تأبى الليالي إلا أن نفترق.

في هذه الآية قوله: {مَا اتَّخَذُوهُمْ} جَرْيٌ على الأكثر، (ما اتخذوهم) أي: ما صيروهم أولياء.

قوله: {وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} أي: خارجون عن طاعة الله، والمراد بالفسق هنا الفسق الأكبر المخرج عن الملة.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: أن اتخاذ الكافرين أولياء منافٍ للإيمان بالله ورسوله وكتابه، لقوله: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ}.

الفائدة الثانية: أن النبي يطلق على الرسول، وفي هذه السورة ذُكر الرسول والنبي وكلاهما للرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} [المائدة: ٦٧] وفي هذه الآية يقول: {وَالنَّبِيِّ}، وفي القرآن الكريم أكثر ما ذكر الرسل بوصف النبوة، اقرأ إن شئت سورة مريم، واقرأ قول الله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: ١٦٣].

الفائدة الثالثة: أن القرآن منزل على محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، لقوله: {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ} هذا الإنسان معتنى به أكمل عناية، لقول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>