للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: هذا الاتفاق اتفاقٌ ظاهري وإلا ففي قلوبهم من العداوة والبغضاء بعضهم لبعض ما لا يعلمه إلا الله، ثم هم متفقون على عدو ثالث، كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: ٥١]، فهم متفقون على عدوٍ ثالث وإلا فهم فيما بينهم مختلفون، قلوبهم متنافرة واعتداءاتهم ظاهرة.

وقوله: {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} نقول: العداوة الآن والبغضاء بين النصارى وبين طوائفهم لا شك أنها موجودة؛ لأن خبر الله صِدْق، وقد قال: {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}، لكن ما نشاهده من الاتفاق الظاهري: فإنه مخالف لما في الباطن، ثم كما تقدم لأن اتفاقهم ضد عدو للجميع وليس هذا بغريب في مسائل الدنيا وسياستها.

قوله: {يَوْمِ الْقِيَامَةِ} أما يوم القيامة فقد سبق أنه اليوم الذي يبعث فيه الناس وأنه سمي بذلك لأمور ثلاثة: الأول: أن الناس يقومون فيه من قبورهم لرب العالمين، والثاني: أنه يقام فيه الأشهاد، والثالث: أنه يقام فيه العدل.

قوله: {وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} "سوف": للتحقيق، لكنها تدل على التراخي وأختها "السين" للتحقيق، لكنها تدل على الفورية، فإذا قلت: سيقوم زيدٌ. فالمعنى أنه يقوم الآن، وإذا قلت: سوف يقوم؛ أي: فيما بعد، لكن كلاهما يدل على التحقيق وأن الأمر محقق ولا بد من وقوعه.

وقوله: {وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} أي: يخبرهم بما كانوا يصنعون، وإخباره سبحانه وتعالى بأنه سوف

<<  <  ج: ص:  >  >>