قال بعض العلماء: أن هذا هو ما ذكره الله تعالى في سورة {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} الإسراء: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (٥) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} هذا بعد التوبة، {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧)} [الإسراء: ٤ - ٧]، لكن سياق الآية في الإسراء لا يناسب ما في هذه السورة، فالذي في هذه السورة أنهم قتلوا وكذبوا وظنوا أن لا يكون لذلك أثر، ولكن كان له أثر، ما هذا الأثر؟ لا ندري -الله أعلم- بعد هذا الأثر ما الذي حصل منهم؟ عموا وصموا كثير منهم في هذه الفتنة، يعني عموا عن الحق وصموا عنه، وليس المراد عميت أعينهم الباصرة وآذانهم السامعة، ثم تاب الله عليهم ووفقهم للهداية ثم عموا وصموا بعد ذلك كثير منهم، وليس بلازم أن نعرف ما أبهمه الله في القرآن، ما أبهمه الله في القرآن قد يكون فيه مصلحة، والمقصود معرفة القصة من حيث هي.
لو قال قائل: في قوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}: ألا يكون المراد بهذا من جاء بعد بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه قام عليهم الحق لا سيما وقد قال:"ثم"؟
الجواب: ربما يكون هذا أو قبله أيضًا من بني إسرائيل الذين سلط عليهم العدو أو أصابته الجدوب والقحط وغير ذلك.