أي: أن اليقين يزيد وينقص، أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: ٢٦٠] هذا وهو إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يقول: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} وهذا شيء مشاهد، وليس الخبر كالمعاينة.
لو أخبرك إنسان من أوثق الناس عندك ومعه مثله أو أكثر، فإن يقينك بهذا الخبر ليس كيقينك به إذا شاهدته.
إذًا: الإيمان يزيد وينقص، وإذا كان يزيد وينقص فيجب علينا أن نلاحظ إيماننا هل زاد، هل نقص؟ فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه.
الفائدة الخامسة عشرة: عناية الله تبارك وتعالى بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لقوله:{مِنْ رَبِّكَ} فإن هذه الربوبية للتشريف والتعظيم، وبيان أنه عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يزيد فيما أنزل إليه ولا ينقص؛ لأنه نزل من ربه الذي اعتنى به أتم اعتناء.
الفائدة السادسة عشرة: تسلية النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن لا يأسى على القوم الكافرين، حتى إن الله تعالى بَيَّن له في آية أخرى، أن ما حصل منه واقع بمشيئة الله، من أجل أن يطمئن كما قال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}[الأنعام: ١٠٧] فإذا كان شركهم بمشيئة الله فإن الرسول لا شك أنَّه سوف يرضى، لكن لا يمنعه من الدعوة إلى الله، قال تعالى {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
فإن قال قائل: وهل هذا أيضًا يوجه إلى الداعي إلى الله بمعنى: أنه لو جاء أحد يشكو إليك يقول: أنا نصحت هؤلاء