الفائدة الثالثة عشرة: أن القرآن الكريم قد يزيد سامعه طغيانًا وكفرًا، وقد يزيده إيمانًا وذلًا، لقوله:{وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا} فإنه يفهم منه أن بعضهم لا يزيده طغيانًا وكفرًا، بل لا يزيده إلا إيمانًا وهذا كقوله تعالى {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[التوبة: ١٢٤].
الفائدة الرابعة عشرة: أن الكفر يزيد وينقص، وجهه:{وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} وعليه فيكون هذا شاهدًا مؤيدًا لما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كفر دون كفر؛ لأنه إذا كان يزيد وينقص، فلا بد أن يكون الأعلى فوق الأدنى، فيكون هناك كفر دون كفر.
هل يمكن أن نقول: وفيه دليل على أن الإيمان يزيد وينقص؟ نعم، ربما نقول هذا؛ لأن الكفر إذا كان يزيد وينقص فبإزائه الإيمان فلا بد أن يكون مثله يزيد وينقص، والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص سواء بالأقوال أو بالأفعال أو باليقين.
ولينتبه لهذه الفائدة: الإيمان يزيد بالأقوال، فإن من ذَكَرَ الله ألف مرة ليس كمن ذكر الله مائة مرة، الأول أكثر وكذلك في الأفعال ليس من صلى مائة ركعة كمن صلى مائتي ركعة، الثاني أزيد، كذلك في اليقين: اليقين يختلف الناس فيه، الإنسان نفسه أحيانًا يكون في حالة صفاء وفي حالة فراغ، ويكون قلبه خاليًا من كل شيء سوى الله، فيجد لذة عظيمة في الإيمان وقوة عظيمة، حتى كأنه يشاهد الله عزّ وجل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الإحسان:"أن تعبد الله كأنك تراه"(١)، ويدل لهذا،