والخفاء، ومنه سمي الجن جنًّا، والبستان كثير الأشجار جنة قال الله تعالى:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ}[الكهف: ٣٢] لكن لا ينبغي أن تقول مثل هذا القول عند العامة؛ لأنك لو قلت: إن الأصل في الجنة أنها البستان كثير الأشجار؛ لَقَلَّتْ عظمة الجنة في نفوسهم، ولكننا نفسر الجنة التي في القرآن بأنها الدار التي أعدها الله لأوليائه، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ لأن هذا يُبْقي هيبتها في النفوس وقوة الرغبة فيها.
وقوله:{النَّعِيمِ} أي نعيم؟ أنعيم البدن، أم نعيم القلب، أم كلاهما؟ كلاهما لأن نعيم البدن ينعم الإنسان بكل أنواع النعيم، ونعيم القلب لا يمكن أن يلحقه هَم ولا غم ولا حزن بل هو دائمًا في أنس ولهذا قال الله تعالى: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١)} [الإنسان: ١١] النضرة في الوجه، كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢)} [القيامة: ٢٢] والسرور في القلب، فما بالك بنعيم يكون فيه النضرة التي تبهج الناظر في الوجه والسرور في القلب، الذي ليس فيه حزن ولا هم ولا غم، اللهم اجعلنا من هؤلاء الذين يدخلون جنات النعيم.
لو قال قائل: بعض الناس يعبرون عن بعض البلاد الجميلة بأنها جنة الله في الأرض، هل يصح مثل هذا التعبير؟
الجواب: يصح، لكن إذا كان يفهم من ذلك أنها قطعة من جنة الخلد فلا يجوز، وإلا فمن المعلوم كل الذي في الأرض فهو لله عزّ وجل، لكن على كل حال، عند العامة لا ينبغي أن نعبر بهذا؛ لأنه قد يفهم منه معنى غير صحيح.