وأما الفعلية: فإنه -صلى الله عليه وسلم-إذا دعا ربه يرفع يديه إلى السماء، ولما استشهد ربه على أمته أنه بلَّغ في يوم عرفة جعل يقول: اللهم اشهد -يرفع إصبعه إلى السماء- وينكتها إلى الناس (١).
وأما الإجماع فلم يوجد حرف واحد، لا بسند صحيح ولا بضعيف، عن أحد من الصحابة والتابعين والأئمة أنهم قالوا: إن الله تعالى ليس في السماء أبدًا، ولو قال قائل: ولم يوجد عنهم أنهم قالوا: إنه في السماء؟
قلنا: هذه مكابرة؛ لأنهم يقرؤون القرآن وفيه ذكر العلو، هل ورد عن أحد منهم أنه خالف ذلك؟ إذًا: فهم مجمعون عليه، وهذا طريق واضح للإجماع، ما منهم أحد فسر آيات العلو بغير ما يدل عليه ظاهرها.
أما العقل: فكل إنسان يعلم أن المنزلة العليا خير من المنزلة السفلى، وأن علو المكان خير من أسفل المكان، وأن العلو صفة كمال، فيجب أن يكون ثابتًا لله عزّ وجل.
وأما الفطرة: فسل عوام العجائز، إذا أردن أن يَدْعُوْنَ الله أين يتجهن؟ إلى السماء، حتى العجوز العامية تشهد بفطرتها بأن الله في السماء، وعلى هذا فإن هذه الأدلة الدالة على علو الله عزّ وجل، تفند قول من يقول: إن الله ليس في جهة، أو يقول: إن الله في كل مكان، وكلا القولين ضلال.
الفائدة الخامسة: أن من لم يحكم بما أنزل الله فإنه فاسق، وهذه آخر الآيات الثلاثة، أولها:{فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة: ٤٤]،
(١) رواه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي -صلي الله عليه وسلم-، حديث رقم (١٢١٨) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.