كله هدى وكله نور قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا}[النساء: ١٧٤] وفي هذه الآية، قال الله تعالى في التوراة:{فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} وهذا التعبير بينه وبين التعبير القرآني بالنسبة للقرآن الكريم فرق عظيم؛ لأن التوراة جعل فيها هدى ونور، والقرآن جعله هو الهدى والنور.
الفائدة الرابعة: أن التوراة أصل للأنبياء الذين جاءوا من بعد موسى، لقوله:{يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ}، وعلى هذا فالشرائع التي أتت من بعد التوراة تعتبر تكميلًا للتوراة وتحقيقًا للعمل بها، ومن ثَمَّ نقول: هل الإنجيل داخل في ذلك؟ نقول: نعم الإنجيل مكمل للتوراة؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام قال:{وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}[آل عمران: ٥٠].
فلو قال قائل: هل يجوز أن نقول هذه الآية من التوراة أو من الإنجيل؟
الجواب: إذا كانت منزلة من عند الله عز وجل فهي آية؛ لأنه كما تقدم: أن هذه الشرائع لا يمكن للبشر أن يأتوا بمثلها، ولو أنكر البعض على من يقول هذه الآية من التوراة أو الإنجيل فهذا خطأ إلا إذا كان ينكرها خوفًا من الالتباس فلا بأس؛ لأن العامي إذا سمع هذا يظن أن التوراة والإنجيل قرآنًا.
الفائدة الخامسة: جواز وصف الأنبياء بالإسلام، لقوله:{النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} والمراد هنا: الاستسلام الظاهر والباطن؛ لأن هناك إسلامًا ظاهريًّا فقط، كما في قول الله تبارك وتعالى في قصة لوط: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)} [الذاريات: ٣٥ - ٣٦] فجعل