للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحْسِنِينَ}، فدل هذا على أن عدم المؤاخذة على الذنب يعتبر إحسانًا، وكثير من الناس لا يفهم من الإحسان إلا الشيء الإيجابي، يعني الإعطاء، والصدقة، والهدية، والتبرع وليس كذلك. ويتفرع على هذه الفائدة أن فوات الأجر يعتبر عقوبة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من اقتنى كلبًا إلا كلب ماشية أو حرث أو صيد انتقص من أجره كل يوم قيراط" (١) هذه عقوبة وإن كانت ليست عقوبة إيلام وتعذيب لكن فوات محبوب، ثم ليعلم أن أصل العفو ليس مشروعًا إلا إذا كان فيه إصلاح، فالعفو لا بد أن يكون في محله، ولذلك الله عزّ وجل اشترط في العفو أن يكون إصلاحًا فقال: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} [الشورى: ٤٠] ولهذا لو كان عفونا عن هذا الرجل يؤدي إلى تسلطه وعدوانه على الناس لم نعف عنه، فالإحسان يتضمن شيئين: إما إيصال مطلوب، وإما العفو عن مرهوب.

الفائدة السابعة عشرة: الحث على الإحسان، لقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥]، وقد تقدم غير بعيد أن الإحسان ينقسم إلى قسمين: إحسان في عبادة الخالق، وإحسان في معاملة المخلوق.

فالإحسان في عبادة الخالق: بَيَّنَهُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (٢).


(١) رواه البخاري، كتاب المزارعة، باب اقتناء الكلب للحرث، حديث رقم (٢١٩٧)، ومسلم، كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه وبيان تحريم اقتنائها إلا لصيد أو زرع أو ماشية، حديث رقم (١٥٧٥) عن أبي هريرة.
(٢) تقدم ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>