للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: إذًا قوله: {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} المراد به القرآن، فإذا اعترض معترض بما ذكرنا، أجيب بما أجبنا به.

وقوله: {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} في قوله: {مِنْ رَبِّكُمْ} إشارة إلى أنه يلزمهم أن يقيموه؛ لأنه نزل من عند الرب، والرب: هو الخالق المالك المدبر، فإذا كان الله هو ربكم لزمكم أن تقيموا ما أنزل إليكم منه؛ لأنه ربكم وسيدكم وإلهكم.

قوله: {وَلَيَزِيدَنَّ} هل النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أمره الله تعالى أن يقول قولًا، هل نقول: إنه قاله؟ نعم، نقول: إنه قاله لا شك؛ لأنه إن لم يقله لم يبلغ رسالة ربه.

إذًا: هو قال لهم ذلك، وأعلن لهم أنهم ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والإنجيل والقرآن.

قوله: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} انظر إلى الاحتراز {كَثِيرًا مِنْهُمْ} يعني: لا كلهم، بل بعضهم زاده القرآن إيمانًا، كما قال الله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: ٨٣] لكنَ كثيرًا منهم يزداد طغيانًا وكفرًا والعياذ بالله.

وإعراب قوله تعالى: {وَلَيَزِيدَنَّ}: (اللام) هنا واقعة في جواب القسم المقدر، والتقدير: والله ليزيدن، والنون للتوكيد، وعلى هذا تكون الجملة مؤكدة بثلاث مؤكدات وهي: القسم المقدر، واللام، والنون.

وقوله: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ} (ما): هذه فاعل "يزيدن"، {مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} وهو القرآن {طُغْيَانًا وَكُفْرًا} لماذا يزيدهم طغيانًا وكفرًا؟ لأنهم كلما كذبوا بآية أو عصوا آية،

<<  <  ج: ص:  >  >>