للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} التوراة: بإزاء اليهود، والإنجيل: بإزاء النصارى، ومعلوم أن اليهود لو أقاموا التوراة لآمنوا بعيسى، وأن اليهود والنصارى لو أقاموا التوراة والإنجيل، لآمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} يعني: وتقيموا ما أنزل إليكم من ربكم، والمراد به: القرآن؛ لأن التوراة والإنجيل مما أنزل، وإذا قلنا: إن المراد: بما أنزل إليكم من ربكم التوراة والإنجيل صار فيه شيء من التكرار، وإذا دار الأمر في الكلام بين التكرار وبين التأسيس، فالواجب حمله على التأسيس والمباينة فنقول: {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} يعني بذلك القرآن، ويؤيد ذلك من القرآن قوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} [آل عمران: ٣ - ٤] وجعل هذه الجملة خاصة بالقرآن أبلغ في رفعة القرآن، حتى يكون القرآن موازيًا للكتابين جميعًا، ولا حاجة لأن نقول: ظاهرها العموم.

فإن قال قائل: القرآن نزل على أمة محمَّد؟ قلنا: نعم، القرآن نزل على أمة محمَّد وهم من أمة محمَّد، لكنهم من أمة الدعوة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بما جئت به، إلا كان من أصحاب النار" (١) قال: من هذه الأمة ويشير إلى أمته عليه الصلاة والسلام والمراد: أمة الدعوة.


(١) تقدم في (١/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>