للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثالثة عشرة: الرد على كل ناعق يقول: إن قطع الأيدي وحشية، وأن ذلك يستلزم أن يكون نصف الشعب أشل، ليس له إلا يد واحدة، لقوله: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فيقال: بل هذه هي عين الحكمة وعين الصواب؛ لأنه لو ترك الناس لحصلت الفوضى وابتزاز الأموال. والسطو على الآمنين، فكان قطع اليد لا شك أنه هو الحكمة، وانظر إلى الشعوب التي تطبق هذه الحدود الشرعية كيف تقل فيها الجريمة، وعلى العكس الشعوب التي لا تطبقها.

وهذا كقول القائل: إن قتل القاتل يعني كثرة إزهاق النفوس، وهذا أيضًا مصادم تمامًا لقول الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩]، فالقصاص هو الحياة في الواقع، لنا فيه حياة؛ لأن من هَمَّ بالقتل ثم ذكر أنه سيقتل امتنع وكف عن القتل، ثم ليُعلم أن المقتول ظلمًا، لا بد أن يقتل قاتله، لقول الله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣]، سلطانًا شرعيًّا بأن له القصاص، وسلطانًا قدريًّا؛ بأن الله تعالى يمكن من العثور على هذا القاتل حتى يُقتل، وهذا شيء مشاهد دائمًا، يقتل القاتل ويهرب، وإذا به يأتي بقدر الله عزّ وجل، وهذا داخل في قوله: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانً} أي: قدريًّا وشرعيًّا، وكأن الأمر حاصل ولا بد، ولهذا قال: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: ٣٣]؛ كأنه قال: لا بد أن يقتل أي: ولي المقتول ظلمًا، ولكن لا يسرف في القتل، وذلك لأن ولي المقتول ظلمًا قد تأخذه الحمية والغضب، فيسرف في القتل، فنهاه الله عزّ وجل عن ذلك، وجعل الأمر قصاصًا.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>