تسنى له أن يقتل أحدًا لقتله، فإن القصاص لا يُكفّر عنه؛ لأن هذا فيما بينه وبين الله، وهو لم يتب فيما بينه وبين الله.
إذًا لو قال قائل: هل الآية تعارض الحديث بأن الحدود كفارة؟
الجواب: لا، الحدود كفارة لما سبق ومضى، وأما ما يبقى في قلبه من إرادة المعصية، فإنه لم يتب قال تعالى:{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} أي: تاب من ظلم نفسه وظلم غيره؛ لأن المعصية إن تعدت إلى الغير فقيها ظلمان: ظلم النفس وظلم الغير، وإن كانت خاصة بالإنسان، ففيها ظلم واحد وهو ظلم النفس، وعجبًا للإنسان المسكين أن يُقدم على المعصية، وهو يعلم أنه بذلك ظالم لنفسه، ولو أن أحدًا أراد أن يظلمه لكان يدافع عن نفسه، ويمنعه من الظلم، فكيف لا يدافع عن نفسه من نفسه، ولكن الهوى يعصي ويصم.
المهم أن قوله:{مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} يشمل ظلم نفسه، وظلم غيره.
وقوله:{وَأَصْلَحَ} أي: أصلح ما فسد بظلمه؛ لأن الظلم يفسد القلب، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:"من ترك ثلاث جمع تهاونًا طبع الله على قلبه"(١)، فالمعاصي تُفسِد، فإذا أصلح فإن الله يتوب عليه، والإصلاح في تحقيق التوبة والعمل الصالح.
قوله:{فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} يتوب عليه أي: يقبل توبته،
(١) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجمعة، حديث رقم (١٠٥٢)، والنسائي، كتاب الجمعة، باب التشديد في التخلف عن الجمعة، حديث رقم (١٣٦٩) عن أبي الجعد الضمري.