للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعلم أن لله تبارك وتعالى على عبده توبتين: التوبة الأولى: التوفيق للتوبة، والتوبة الثانية: قبولها من التائب، فمن الأول قوله تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: ١١٨]، تاب عليهم قبل أن يتوبوا بدليل قوله: {لِيَتُوبُوا} هذه التوبة توبة التوفيق، أن الله يوفق الإنسان إلى التوبة فيتوب إلى ربه عزّ وجل.

وأما قبول التوبة: فمثل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: ٢٥]، ومثله هذه الآية: {فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ}، أي: يقبل توبته.

وهل يصح في قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} أن يكون بمعنى يوفقه للتوبة؟

الجواب: لا، لقوله: {فَمَنْ تَابَ} فهو الآن قد وفِّق: {فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} أي: من هذا الظلم الذي تاب منه.

وقوله: {وَأَصْلَحَ} أي: أصلح ما فسد بظلمه، وقد تقدم، وذلك بتدارك الواجب إن أمكن تداركه، وبالإقلاع عن المحرم فلا يستمر عليه، هذا هو الإصلاح ولا بد منه.

قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الجملة مؤكَّدة بـ (إنَّ)، من أجل طمأنينة العبد التائب بأن توبته لن تذهب سدى.

وقوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} هذان اسمان كريمان من أسماء الله، مقترنان كثيرًا في القرآن؛ لأن بالأول زوال المكروه، وبالثاني حصول المحبوب، فالأول غفور؛ يعني للذنوب، والثاني رحيم، يعني أنه يوصل الخير إلى عباده بمقتضى رحمته سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>