لو قال قائل: هل الغفور هنا اسم فاعل أو صفة مشبهة أو صيغة مبالغة؟
نقول: الظاهر والله أعلم أنها صيغة مبالغة، وليست اسم فاعل؛ اسم الفاعل مثل قوله:{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ}[غافر: ٣]، لكن هذه صيغة مبالغة، وجاءت بصيغة المبالغة؛ لكثرة غفران الله تعالى لعباده، ولكثرة من غُفِر لهم، فما أكثر ما يغفر الله لنا ذنوبنا بما شرع لنا من أسباب المغفرة، وما أكثر الذين غُفِرت ذنوبهم، فلهذا جاء هذا الاسم بصيغة المبالغة.
فما هي المغفرة؟ المغفرة: هي ستر الذنب والتجاوز عنه، هذا معناها، وإنما قلنا بهذا من أجل أن يطابق الوصف المعنوي الوصف الحسي؛ لأنهم يقولون: إنها مشتقة من المِغْفَر. والمِغْفَر هو ما يغطي به المقاتل رأسه يتقي به السهام، وإذا تأملت المغفر وجدت أنه حصل به شيئان: الستر والوقاية.
إذًا فالغفور معناه: الساتر لذنوب عباده الواقي لهم من عذابه، وما أكثر الذنوب، ولو أن الله تعالى أطْلَعَ الناس على ذنوبنا لكان كما قال القحطاني رحمه الله في النونية:
والله لو علموا قبيح سريرتي ... لأبى السلام علي من يلقاني
يعني: لو أن الله كشف الذنوب لكان الإنسان يُهجَر، لكن من لطفه عز وجل أنه يسترها، وفي النهاية لا يعاقب عليها، كما جاء في الحديث الصحيح: "أن الله تعالى يوم القيامة يخلو بعبده المؤمن وحده ويقرره بذنوبه، يقول: فعلت كذا وفعلت كذا وفعلت كذا، ويقر، لا يستطيع أن ينكر، فيقول الله له: قد سترتها