للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لعنوا من بني إسرائيل {يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني: يتخذونهم أولياء، يوالونهم بالنصرة والمعونة والمساعدة، ومن هؤلاء اليهود حينما ساعدوا قريشًا عام غزوة الأحزاب (١)، فإنهم تولوا الذين كفروا وساعدوهم وعاونوهم، ومن هذا تولي اليهود للنصارى في وقتنا الحاضر، هذا إذا قلنا: إن "ترى" عامة؛ لأن النصارى من الذين كفروا، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البينة: ٦]، وهذا بيان للذين كفروا.

وقوله: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} قيل: إن المراد بالذين كفروا هم الذين كفروا بقلوبهم وآمنوا بألسنتهم وهم المنافقون؛ لأن المنافقين مع اليهود في المدينة على خط واحد يتولونهم ويساعدونهم ويمكرون بالنبي عليه الصلاة والسلام كما يمكر المنافقون، ولو قيل: إن الآية عامة، لكان أولى من باب استعمال الاسم المشترك في معنيين، أو بناءً على القاعدة التي تقررت: أنه إذا كانت الآية أو الحديث يدل على معنيين على السواء، ولا ينافي أحدهما الآخر، فالواجب حمله على المعنيين، توسيعًا للمعاني الشرعية، وتبرئة للذمة؛ لأننا لو اقتصرنا على أحد المعنيين والله ورسوله أراد المعنيين، لتعلق ذلك بذممنا.

وقوله: {يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: هل المراد كفروا ظاهرًا وباطنًا، أو كفروا باطنًا وآمنوا ظاهرًا، أو الأمران؟ الأمران جميعًا.

قوله: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}


(١) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (٤/ ١٧١)، تاريخ الطبري (٢/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>