المال على حسب ما يريدون، فإذا لم يكن المال على حسب ما يريدون قالوا: هذا بخل من الله أو فقر منه.
قوله:{غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ}؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فقلت أيديهم: وهذا خبر وليس دعاءً؛ لأنه صادر من عند الله عزّ وجل، والله سبحانه وتعالى يخبر ولا يدعو، هذا هو الأصل، أن ما أخبر الله به عن نفسه فهو خبر عن نفسه ووقوع -أي: وقوع الشيء- إلا إن دل دليل ربما يكون دليل على أن الله جلَّ وعلا عَلَّمَ العباد أن يدعوا، وأما أن يسأل نفسه أن يفعل فلا يرد.
الحاصل أن الله أخبر أن أيديهم غُلت، أي: حبست عن الإنفاق، ولهذا نقول: إن أشد الناس بخلًا هم اليهود من جميع الأمم، ولا يمكن لليهودي أن يبذل دينارًا، إلا وهو يريد أن يعود عليه الدينار بدينارين، أو فلسًا إلا وهو يريد أن يعود عليه بفلسين، لا تفكر في غير هذا؛ لأنهم قد غلت أيديهم.
قوله:{وَلُعِنُوا} أي: طردوا عن رحمة الله وأبعدوا عنها؛ بسبب هذا القول ولهذا قال:{بِمَا قَالُوا} و"الباء" هنا: واضح جدًّا أنها للسببية، وأما:"ما" فيحتمل أن تكون مصدرية، ويحتمل أن تكون موصولة، فإن كانت مصدرية فالتقدير: ولعنوا بقولهم، وإن كانت موصولة فالتقدير: ولعنوا بما قالوه، ولو جاء الضمير قالوه لتعين أن تكون اسمًا موصولًا لكنه حذف.
على كل حال سواء جعلناها مصدرية أو موصولة؛ فإنها تفيد أن هذه هي العقوبة التي حلت بهم بسبب قولهم.
قوله:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}"بل" هنا: للإضراب الإبطالي، ليبطل قولهم:{يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} فقال: بل يداه ولم يقل: يده؛ لأن