للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الخوارج فقالوا: إنه يكفر؛ لأنه ليس هناك إلا كافر ومؤمن، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: ٢]، وإحداث منزلة بين المنزلتين هذه بدعة، والخوارج أشجع من المعتزلة؛ لأنهم صرحوا بما يقتضيه الدليل على زعمهم، فصرحوا بأنه كافر، وأما المعتزلة فلاذوا بهذه الحيلة وهي قولهم إنه لا يكفر ولكنه في منزلة بين المنزلتين، وكلا القولين خطأ.

لكن لو قال قائل: الخوارج يكفرون من ارتكب كبيرة، فماذا يقولون في الحدود الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة، كقطع اليد والجَلْدِ؟

الجواب: مقتضى قاعدتهم أنهم كفار سواء جلدوا أم لا، حتى لو أقيم عليه الحد، لكن على كل حال: مذهبهم في هذا لا نستطيع معرفته إلا إذا قرأنا كتبهم، لكن على العموم كل كبيرة عندهم تخرج الإنسان من الإيمان إلى الكفر.

الفائدة التاسعة والعشرون والثلاثون: إظهار الندم الشديد من هذا الذي قتل أخاه، لقوله: {يَاوَيْلَتَى} وأصلها يا ويلي، ويا ويلتي، وهي كلمة تحسر وتحزن، وينبني على هذه الفائدة: أن فاعل المعصية إذا لم يتب فإنه يجازى بالخسران والندم وضيق النفس.

الفائدة الحادية والثلاثون: إقرار هذا الإنسان القاتل بما اقتضته الحال، مع ما في ذلك من لومه والقدح فيه، لقوله: {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي}.

<<  <  ج: ص:  >  >>