للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائدة السادسة والعشرون: أن الواجب في الدفن ما توارى به السوأة، أي: ما يغطى به الجسم، لكن العلماء رحمهم الله زادوا على ذلك شرطًا لا بد منه وهو أن يكون الدفن مواريًا للسوأة، ومانعًا للسباع وللرائحة، يعني: لا بد أن يمنع السباع أن لا تحفر القبر، وأن يمنع الرائحة أن لا تخرج من القبر، فلو أن إنسانًا حفر حفرة يسيرة ثم وارى عليها التراب، لكن يسهل على السباع أن تحفره وتخرج رائحته، فإن هذا لا يجزئ، ولا بد من تعميق القبر على وجه يمنع السباع والرائحة، وكلما كان أعمق في الأرض فهو أحسن.

الفائدة السابعة والعشرون: أن بدن الميت كله عورة؛ لأن القبر يواري البدن كله، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن بدن الميت كله عورة، لكن هذا بالنسبة إلى وجوب تعميم الكفن لا بالنسبة للنظر، ولهذا قَبَّل أبو بكر رضي الله عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته، مع أنه لا حاجة لذلك، إنما هو شوق إليه، وأما المغسل فجاز له النظر إلى الميت للحاجة، ولذلك نقول: إن الأفضل ألا يمس سائره إلا بخرقة، لكن في العورة المغلظة لا بد أن تكون مستورة.

الفائدة الثامنة والعشرون: أن قتل العمد لا يخرج من الإيمان، لقوله: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} ولقوله في هذه الآية: {كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ، وهذا هو الحق أن قتل العمد لا يخرج من الإيمان خلافًا لطائفتين مبتدعتين زائغتين، وهما: الخوارج والمعتزلة، فالمعتزلة قالوا: إن قاتل النفس عمدًا يخرج من الإيمان، لكن لا يدخل في الكفر، بل هو في منزلة بين منزلتين هذا حكمه في الدنيا، أما في الآخرة فإنه مخلد في النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>