للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} يحتمل أن تكون "الواو"استئنافية، وأن تكون معطوفة على قوله: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} ومعنى قوله: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ}، أي: وضعناها بينهم، أي: العداوة والبغضاء، والبغضاء مؤنثة، والبغض مذكر، وهما بمعنى واحد، والعدو: ضد الولي، والبغيض: ضد الحبيب، أي: أن الله سبحانه وتعالى ألقى بينهم البغضاء في القلوب والمعاداة في الأبدان والأقوال، فلا أحد ينصر أحدًا ولا أحد يوالي أحدًا ولا أحد يحب أحدًا، بينهم العداوة والبغضاء، إلى يوم القيامة، يعني: إلى آخر الدنيا، واليهود بعضهم عدو لبعض، وبعضهم بغيض لبعض؛ لأن الله تعالى أخبر بأنه ألقى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وخبره حق ووعده صدق.

قوله: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} "كلما" هذه شرطية، فعل الشرط فيها: "أوقدوا"، والجواب: "أطفأها الله"، أي: كلما أرادوا الحرب وأوقدوا نارها، فإن الله يطفئها, ولن تقوم لهم قائمة بل هم مخذولون، ويدل لهذا قول الله تعالى في آية أخرى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران: ١١٢].

قال العلماء: الحبل من الله: الإِسلام، والحبل من الناس: العهد والميثاق، وقيل: الحبل من الناس: المساعدة والسبب الذي يَعِزُون به؛ لأن الحبل يطلق على السبب كما في قول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: ١٠٣] أي: بدينه الذي هو سبب للسعادة.

إذًا: نقول: إن الله سبحانه وتعالى بيَّن أن هؤلاء اليهود كلما

<<  <  ج: ص:  >  >>