للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَنْهَارُ}، {لَهُمْ}: خبر مقدم وهذا يقتضي الاختصاص، أي: لهم دون غيرهم، {جَنَّاتٌ تَجْرِي} الجنات: جمع جنة، وهي الدار التي أعدها الله عزّ وجل للمتقين، "فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" (١)، تأتي في القرآن مفردة ومجموعة ومثناة، أما الإفراد فباعتبار الجنس، فتشمل كل ما كان من الجنات، وأما الجمع فباعتبار الأنواع؛ لأنها درجات متعددة أعد الله للمجاهدين في سبيله مائة درجة، وأما التثنية فباعتبار الجنس، وهذا في قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن: ٤٦]، ثم قال: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)} [الرحمن: ٦٢].

قوله: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} الجريان معروف، و"الأنهار": جمع نَهَرْ: وهو الماء، هذا ما نعرفه في الدنيا، لكنه في الجنة أنهار أصنافها أربعة، ذكرها الله تعالى في سورة القتال فقال: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}، هذا في الشراب، وفي المأكل قال تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}، في عدم المسؤولية عما أكلوا أو تركوا، {وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} [محمد: ١٥].

وقوله: {مِنْ تَحْتِهَا} يعني: لا من فوقها، ولكن هل معناه من تحت السقف؟

الجواب: لا، من تحتها، أي: من تحت هذه الأشجار، والقصور والخيام، وجريان هذه الأنهار كما جاء في السنة: بدون أخدود وبدون حفر (٢)، تجري على السطح لا تحتاج إلى أخدود


(١) تقدم ص ٢٩٤.
(٢) رواه أبو نعيم في الحلية (٦/ ٢٠٥) عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>