والحث عليه، وقد حث عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله:"عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا"(١) والصديقية: أعلى مراتب البشر بعد النبوة، ويكفيك اقتناعًا بفائدته وثمرته ما حصل للثلاثة الذين خلفوا، أي خلف أمرهم ولم يقض فيه بشيء حتى جاء الوحي وهم: كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، هؤلاء الثلاثة تخلفوا عن غزوة تبوك، ولما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - منها، جاء المعذرون يعتذرون إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وقد أخبر الله عنهم قبل وصول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وقال: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٩٥ - ٩٦]، أما الثلاثة فصدقوا وأخبروه بالصدق، وأنزل الله سبحانه وتعالى فيهم آيات تتلى في الصلاة وخارج الصلاة ويثاب على قراءتها، وحث على أن نكون مثلهم فقال له بعد ذكر الآيات: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)} [التوبة: ١١٩].
لو قال قائل: أحيانًا إذا أراد الإنسان أن يصدق فإن الصدق
(١) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)}، حديث رقم (٥٧٤٣)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، حديث رقم (٢٦٠٧) عن عبد الله بن مسعود.