الفائدة العاشرة: إثبات رضا الله عزّ وجل، لقوله:{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}، وهل الرضا صفة فعلية أو ذاتية؟ فعلية؛ لأنها تتعلق بمشيئته، وكل صفة تتعلق بالمشيئة فهي فعلية، وهل هي حقيقة أو هي كناية عن إرادة الثواب أو هي الثواب نفسه؟
الجواب: فيها قولان:
القول الأول: أنها حقيقة وهذا القول هو الذي يجب اتباعه؛ لأنه ظاهر الكتاب، والواجب إجراء الكتاب على ظاهره بدون تحريف.
فإن قال قائل: الرضا معنىً يقوم بالنفس، يقوى ويضعف ويزول ويبقى، قلنا: وما المانع أن نثبت هذا لله وقد أثبته لنفسه! لكن نعلم أن رضا الله ليس كرضا المخلوق الذي يزول بأدنى سبب أو يوجد بأدنى سبب بل له أسبابه المقتضيات له، وله ما يزيله على وجهٍ يختص بالله عزّ وجل؛ لأن لدينا قاعدة عامة، وهي قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١].
القول الثاني: قول أهل التحريف، قالوا: إن الله لا يمكن أن يرضى، الرضا صفة عارضة، والله عزّ وجل منزهٌ عن الصفات العارضة؛ لأن الصفات العارضة صفاتٌ حادثة، والحادث لا يقوم إلا بمحْدَث، وكل هذه التعليلات وهمية لا عقلية، وهي مردودة بدلالة الكتاب والسنة على ثبوت ذلك، ولهذا أي: لكونهم لا يعتقدون رضا حقيقي، قالوا: معنى الرضا: إرادة الثواب، ولم يقولوا: إنه الثواب بل قالوا: إرادة؛ لأنهم يثبتون الإرادة، ومن المعروف أن الأشعرية يثبتون سبع صفات: الحياة، والعلم،