نقول في قوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ما قلناه في الآية الأولى.
قوله:{لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} أي: لا تنتهكوا حرماتها، و"الشعائر" جمع شعيرة، وهي العبادات الكبار، كالحج والعمرة ونحو ذلك، وذلك لأن الأحكام الشرعية شعائر وغير شعائر، الأحكام الكبيرة تسمى شعائر، قال الله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}[البقرة: ١٥٨].
قوله:{وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} الشهر هنا المراد به الجنس، وليس المراد به الواحد، فالشهر الحرام شهور أربعة بينها الله تعالى في قوله:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}[التوبة: ٣٦] وبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعيان هذه الأشهر بأنها: ذو القَعدة بفتح القاف وهو الأفصح ويجوز الكسر، وذو الحِجة والأفصح كسر الحاء، والمحرم والرابع رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان (١)، هذه الأشهر الحرم، يقول الله تعالى: لا تحلوها بالمعاصي وأيضًا لا تحلوها بالقتال؛ لأن القتال في الأشهر الحرم حرام، حتى الكفار لا يحل أن نبدأهم بالقتال في الأشهر الحرم، إلا دفاعًا عن النفس أو إذا كان امتدادًا لقتال سابق، وهذه المسألة يأتي إن شاء الله بيان حكمها واختلاف العلماء فيها.
(١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}، حديث رقم (٤٣٨٥)، ومسلم، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، حديث رقم (١٦٧٩) عن أبي بكرة.