وينسى الخوف، وإذا لم يكن أمامه إلا أوصاف الكافرين وعقوبة الكافرين، فقد يستولي عليه الخوف والقنوط من رحمة الله، فلهذا كان الله تعالى يذكر هذا إلى جنب هذا، حتى لا يستولي القنوط من رحمة الله عند ذكر ما يخوف، أو الأمن من مكر الله عند ذكر ما يُرَجِّي.
فإن قال قائل: أيهما أفضل للعامل أن يغلب جانب الخوف أو أن يغلب جانب الرجاء؟
الجواب: أن أحسن الأقوال في هذا: أنه عند عمل العمل الصالح يغلب جانب الرجاء، وعند الهم بالسيئة يغلب جانب الخوف؛ لأنه إذا عمل العمل الصالح وغلب جانب الرجاء أحسن الظن بالله، وأن الله تعالى سيقبل عمله، ويثيبه عليه فينشط على العمل، ويحتسب الأجر على الله.
وعند الهم بالمعصية لو غلب جانب الرجاء لقالت له نفسه: إن الله غفور رحيم، وهذه معصية سهلة وأنت إذا فعلتها فتب، باب التوبة مفتوح وما أشبه ذلك، لكن إذا غلب جانب الخوف، وخاف أن لا يوفق للتوبة وأن يزيغ قلبه، حينئذٍ يكف عن المعصية، فأحسن الأقوال في ذلك: أن ينظر الإنسان إلى حاله، فعندما يفعل الطاعات يغلب جانب الرجاء، وعندما يهم بالمعصية يغلب جانب الخوف.
لو قال قائل: إن الخوف والرجاء من العبادات القلبية فكيف يستطيع الإنسان أن يحقق الخوف والرجاء ويعرف أنه يمشي بين هذين؟
الجواب: هذا ليس انفعالًا في الواقع، وإذا قدر انفعالًا فإننا نقول للإنسان إذا مُنِّيَ بشيء يحبه: أيرجوه أو لا؟ يرجوه،