للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحجزه الله عنك، لقد قال الله عزّ وجل في سورة الأحزاب: {إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: ٩]، وقال فيها: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: ٢٥].

لما أمر بذكر النعمة قال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} والتقوى هي: اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل الأوامر واجتناب النواهي.

قوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} يعني وليتوكل المؤمنون على الله، ونعلم جميعًا أن قوله: {عَلَى اللَّهِ} متعلق بقوله: {فَلْيَتَوَكَّلِ} فهي مقدمة عليه لإفادة الحصر، و"الفاء": زيدت لتحسين اللفظ، وإلا لو قيل: وعلى الله ليتوكل، صح الكلام.

وقوله: {فَلْيَتَوَكَّلِ} "اللام": لام الأمر وأصلها مكسورة، لكنها تسكن إذا سبقها "الفاء" أو "الواو"أو "ثم"، وفي هذه الآية التي معنا سبقها الفاء، وفي قوله تعالى {ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ} [الحج: ١٥]، سبقها "ثم"، وقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا} [الحج: ٢٩]، سبقها الواو.

قوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، "التوكل" أحسن ما قيل فيه: إنه صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار، ثقة به تبارك وتعالى وتفويضًا إليه، فالتوكل على الله، أن تعتمد على الله في جلب المنافع، والإنسان محتاج إلى المنافع، ودفع المضار ثقةً بالله عزّ وجل، وتفويضًا إليه، وبهذا يظهر الفرق بين توكل الإنسان على العبد وتوكله على الرب، إن توكل الإنسان على الرب تفويض مطلق، فهو يعتقد أن الله تعالى هو الذي له الحكم فيه وله السلطة عليه، لكن توكله على شخصٍ وَكَّلَه أن يشتري له حاجة، ليس تفويضًا إليه، ولكنه وَكَّلَه وهو يعتقد أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>