قلنا: هذا عجز وكسل. التوكل على الله: التفويض إذا لم تستطع الأسباب، فإذا عجز الإنسان عن الأسباب فليس عنده إلا التفويض، ولهذا تجد الكفار إذا غشيهم موجٌ كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين أي: فوضوا الأمر إلى الله، وكذلك الإنسان إذا ألم به شيء لا يستطيع دفعه تجده ليس له حول ولا قوة، أما مع القدرة على فعل الأسباب فإنه لا بد من فعلها، لو أن الإنسان قال: أنا أريد أن أسافر إلى مكة للحج، قلنا: خذ معك نفقة قال: لا حاجة لذلك أنا متوكل على الله، ماذا نقول في هذا؟ هذا عجز وتواني وكسل، إذا كنت متوكلًا على الله حقيقة فافعل السبب، خذ معك ما يكفيك للنفقة أو أجر نفسك على بعض الناس تكون معهم ويكفونك المؤنة أو ما أشبه ذلك.
الفائدة السادسة: أن التوكل من الإيمان، لقوله:{فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، فوجه الأمر إلى المؤمنين؛ لأنهم هم أهل التوكل.
الفائدة السابعة: أن ترك التوكل على الله نقص في الإيمان، ولكن هل ينافي كمال الإيمان أو ينافي أصل الإيمان؟ فيه تفصيل فمن توكل على نبي ميت، وكل الأنبياء أموات إلا عيسى فهو حي في السماء فهذا ينافي أصل الإيمان، من توكل على قبر فهذا ينافي أصل الإيمان، فمن اعتمد على سبب معلوم وهو سبب شرعي أو قدري فذلك لا ينافي الإيمان، لكن لا تجعل عمدتك هذا السبب بل اجعله سببًا والمسبب هو الله عزّ وجل، ولهذا نجد الأسباب كثيرًا ما تتخلف مسبباتها؛ لأن الأمر بيد الله عزّ وجل، {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[آل عمران: ١٢٢].