للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ}: أي: الله، {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد: ٤]: أي: الله، {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ}: أي: الله {وَهُوَ مَعَكُمْ}: أي: الله، لكن يجب كما قال شيخ الإسلام رحمه الله أن يصان هذا الفهم عن الظنون الكاذبة، مثل: أن يعتقد الإنسان أنه معنا في مكاننا، أو أنه على السماء يعني أن السماء تقله، أو أنه إذا نزل إلى السماء الدنيا صارت السموات الأخرى تظله، هذا يجب أن يصان عنه؛ لأن الله تعالى في العلو، وعلوه من لازم ذاته وهو من الصفات الذاتية التي لا ينفك عنها كما لا ينفك عن سمعه وبصره فلينتبه لهذا.

لكن ورد عن السلف رحمهم الله -عن كثير منهم- أنهم فسروا المعية بالعلم وهذا تفسير باللازم؛ لأن من لازم من كان معك أن يكون عالمًا بك، ولا شك أن هذا التفسير صحيح غير منكر والتفسير باللازم تفسير صحيح لكنه ليس هو المطابق؛ لأن الدلالات: ثلاثة أنواع: دلالة تضمن، ودلالة مطابقة، ودلالة التزام، هذا من دلالة الالتزام، واضطروا إلى ذلك من أجل الرد على أولئك الجهمية الذين كانوا يقولون: إن الله معنا في نفس المكان، ولهذا قال عبد الله بن المبارك رحمه الله: نقول: إن الله معنا بعلمه، ولا نقول: كما قال هؤلاء الجهمية، إنه معنا ها هنا يعني: في الأرض فتبين بذلك لماذا صارت أكثر عبارات السلف: أن المعية يعني العلم؟ ونحن نقول هذا التفسير صحيح غير منكر؛ لأنه تفسير باللازم والتفسير باللازم قد استعمله السلف في كثيرٍ من الآيات ولا يعد هذا خروجًا عما تقتضيه الآية، لكن التفسير الذي ينكر على الإنسان، أن يؤول تأويلًا مخالفًا للفظ بأنواع الدلالات الثلاث وهي: المطابقة والتضمن والالتزام.

<<  <  ج: ص:  >  >>