للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حياته، بل إذا نصر ما يدعو إليه بعد موته فهو انتصار له بلا شك، ولهذا نحن نؤمن بأن انتصار الصحابة بفتحهم مشارق الأرض ومغاربها انتصارًا للرسول عليه الصلاة والسلام، فمن قام بالدعوة إلى الله مخلصًا لله متبعًا لشريعة الله ثم مات أو قتل، لكن بقيت الدعوة وانتصر بها من بعده، فهو في الحقيقة انتصار له، فيصدق قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)} [النحل: ١٢٨].

أما المعية المعينة بشخص فهي أعظم وأعظم، فقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: ٤٠]، أبلغ من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)}؛ لأنه تعيين للشخص، وكذلك قول الله تعالى لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦].

الفائدة التاسعة: أن هؤلاء لو أوفوا بعهد الله لأوفى الله لهم بعهده، كما قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: ٤٠]، ولقوله: {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ} إلى آخره.

الفائدة العاشرة: أن الصلاة والزكاة مفروضة على الأمم السابقة، وهو كذلك، فالصلوات والزكوات مفروضة لكن لا يلزم من كونها مفروضة أن تكون مماثلة لما وجب علينا في الكيفية والوقت والمقدار، المهم أن جنس الصلاة مفروض وجنس الزكاة مفروض لكن قد يختلف، وهذا كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣]، فالتشبيه هنا للفرض، شَبَّه الفرض بالفرض ولا يلزم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>