للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان هناك ابن لامرأة ليس له أب، إما أنه ولد زنا أو أن أباه نفاه والتعن بنفيه أو لم يلتعن على خلاف، المهم أنه ليس له عصبة، ثم تزوج وجاء له أبناء، أمه هنا ليس لها إلا فرضها وهو السدس، والعاصب هنا أبناؤه، أما لو مات هذا الابن عن أمه وإخوانه من أم ليس لأب، فإخوانه من أمه يأخذون فرضًا، إن كان واحدًا فالسدس، وإن كانوا أكثر فالثلث، وأمه تأخذ الفرض والباقي تعصيبًا، لأنها بمنزلة الأب، وهذا القول هو الراجح: أن من ليس له أبٌ فعصبته أمه.

فإن قال قائل: إن كان للإنسان أب فهل يجوز أن ينسب إلى أمه؟

نقول: إن كان المراد الانتساب المطلق فهذا لا يجوز، وإن كان الانتساب لأنه اشتهر بها لكنه معروف أنه ولد فلان، فهذا لا بأس به، فمثلًا عبد الله بن بحينة: بحينة اسم أمه واسم أبيه مالك، ومع ذلك يطلق عليه هذا الاسم، كما نقول أيضًا في الانتساب إلى الجد، إذا كان للجد شهرة والانتساب إليه يعد شرفًا دون أن ينقطع الانتساب إلى الأب فلا بأس بذلك، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عام حنين: "أنا النبي لا كذب، أنا بن عبد المطلب" (١) صلوات الله وسلامه عليه؛ لأن عبد المطلب أشهر من عبد الله في قومه، وهو سيد معروف فلا بأس، لكن بشرط أن لا ينسى الأب، أما إن نسي فلا يجوز؛ لأنه يترتب على هذا مسائل حكمية.


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من قاد دابة غيره في الحرب، حديث رقم (٢٧٠٩)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين، حديث رقم (١٧٧٦) عن البراء بن عازب.

<<  <  ج: ص:  >  >>