الفائدة التاسعة: أنه عند المناظرة ينبغي بأن تبدأ بأول مَنْ يحتج به المناظر، وأنه على خلاف ما ناظر عليه، وجهه: أن الله بدأ بذكر إهلاك المسيح وأمه الذي يعتقد هؤلاء أنه إلهًا.
الفائدة العاشرة: عموم ملك الله عزّ وجل لقوله: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.
الفائدة الحادية عشرة: اختصاص هذا الملك بالله، لقوله:{وَلِلَّهِ} وجه الدلالة: أنه قدم الخبر، ومن القواعد المقررة عند أهل البلاغة وأهل الأصول: أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.
فإن قال قائل: إن الله تعالى أضاف الملك إلى غيره، في غير ما آية من كتاب الله، فما الجمع؟
قلنا: من أضاف الله إليه ملكًا فإنه ملك قاصر من جميع الوجوه، مثل قول الله تعالى:{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}[المؤمنون: ٦]، ومثل قوله تعالى:{أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}[النور: ٦١]، ومثل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النور: ٣٣]، والآيات في هذا متعددة، فيقال: الملك المضاف إلى المخلوق ليس كملك الله عزّ وجل، بل هو ملك قاصر، لا يشمل كل ما ذكر، وهو أيضًا قاصر في التصرف فيه، إذ إن الإنسان لا يملك التصرف كما يشاء فيما هو ملكه، لو أراد الإنسان أن يتلف ماله وقال: هذا ملكي أنا لي أن أتلفه؟ قلنا: حرام عليك، ليس لك أن تتلفه؛ لأن الشرع نهى عن إضاعة المال، ولو أراد أن يعتدي على ملك غيره لقلنا: لا يمكن؛ لأن ملكك محصور، وبهذا نعرف أن الملك التام هو ملك الله عزّ وجل.