الجواب: الثاني، لا بد من سبب، وقد تبين لنا قاعدة مهمة: أن كل فعل علقه الله جلَّ وعلا بالمشيئة فإنه تابع لحكمة، إذ ليس لله مشيئة مجردة بل هي مقرونة بحكمته تبارك وتعالى، كما قال الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)} [الإنسان: ٣٠].
الفائدة الثالثة عشرة: إثبات المشيئة لله، والمشيئة: بمعنى الإرادة الكونية، واعلم أنه ليس فيها انقسام، يعني أنها لا تقسم إلى مشيئة كونية ومشيئة شرعية، بخلاف الإرادة، فالمشيئة: شيء واحد وهي الإرادة الكونية.
الفائدة الرابعة عشرة: اختصاص وانفراد الله عزّ وجل بالملك وأنه لا مالك معه لقوله: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ} ووجه ذلك تقديم الخبر على المبتدأ.
فإن قال قائل: إن الله أثبت لعباده ملكًا كقوله: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}[النور: ٦١]، {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٣]، وما أشبه ذلك؟
قلنا: لا سواء بين الملكين، فملك الله تعالى عام تام، وملك الآدمي قاصر ناقص، ولهذا لا يملك الإنسان أن يتلف ماله، مع أنه ماله فلو أراد إنسان أن يحرق ماله، قلنا: لا يمكن وحجرنا عليه ومنعناه؛ لأنه خلاف ما أمر الله به، بل هو مما نهى الله عنه.
الفائدة الخامسة عشرة: أن بين السموات والأرض من المخلوقات العظيمة ما اقتضى أن يكون مقابلًا ومعادلًا للسموات والأرض لقوله: {وَمَا بَيْنَهُمَا}.