للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للجبرية الذين قالوا: إن الإنسان ليس له إرادة ولا اختيار، فأهل السنة والجماعة وفقهم الله عزّ وجل للأخذ بالنصوص من جميع الجوانب، والمعتزلة أخذوا بنصوص، والجبرية الجهمية أخذوا بنصوص، فصاروا ينظرون إلى النصوص نظر الأعور الذي ينظر بعين واحدة.

أما أهل السنة - والحمد لله جعلنا الله منهم - فإنهم ينظرون إلى النصوص بالعينين جميعًا.

الفائدة الرابعة والعشرون: أن الحيوانات قد تكون مرشدة للبشر كما في هذه القصة، الغراب أرشد ابن آدم إلى أن يحفر لأخيه ويدفنه، وصارت سنة البشر إلى يومنا هذا، إلا من ضل عن الصراط المستقيم كالذين يحرقون موتاهم ويضعونهم في اليم وما أشبه ذلك، وهل الميزة في شيء معين يقتضي التفضيل المطلق؟

الجواب: لا، وهذه قاعدة ينبغي أن نعرفها، أنه إذا امتاز أحد بشيء فإن هذا لا يقتضي التمييز المطلق، ومن ذلك ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أنه يكون في آخر الزمان أيام الصبر، للعامل فيهن أجر خمسين من الصحابة" (١) فهل يقال: إن هؤلاء الذين يكونون في تلك الأيام أفضل من الصحابة على سبيل الإطلاق؟

الجواب: لا، لكن يتميزون بميزة، كذلك نجد أن الرسول


(١) رواه أبو داود، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، حديث رقم (٤٣٤١)، والترمذي، كتاب التفسير، باب سورة المائدة، حديث رقم (٣٠٥٨)، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُم} [المائدة: ١٠٥] , حديث رقم (٤٠١٤) عن أبي ثعلبة الخشني.

<<  <  ج: ص:  >  >>