قبل القتل، فالأقوال ثلاثة: الرأي الأول: يصلبون بعد القتل، والرأي الثاني: يصلبون قبل القتل، والرأي الثالث: أن الصلب عقوبة منفردة يعني ليست مركبة مع القتل، وهذا القول هو ظاهر الآية في قوله:{أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} فيكون الصلب غير القتل لكنهم أوردوا على هذا الرأي أنه كيف يبدأ بالأشد ثم الأخف، فيقال: هذا لا مانع منه، القتل أشد ثم الصلب بدون قتل، ثم تقطيع اليد والرجل، والذين قالوا: إنه يصلب قالوا: يترك حتى يموت، وبعضهم قال: بل يطعن بالحربة حتى يموت، ويكون الأول قتل بلا صلب.
قوله:{أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ} تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف، فسرها العلماء بأن تقطع اليد اليمنى والرِّجْل اليسرى، ويكون القطع في اليد من مفصل الكف من الذراع، ويكون القطع في الرِّجل من مفصل القدم من العقب؛ لأن الرِّجل لها قدم ولها عقب، والعقب الذي يسمى العرقوب، فالعرقوب لا يقطع إنما يقطع من مفصل القدم من العرقوب.
قوله:{أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} هذا الرابع، أي: يطردوا منها ويبعدوا عنها، و"أل" في الأرض للعهد أي: الأرض التي سعوا فيها فسادًا، حتى يكون ذلك أبعد لهم من مواطن الفساد وأنكى لهم.
قوله:{ذَلِكَ} أي: ما ذكر من هذه العقوبة الصارمة {لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا} يعني: ذلًا وعارًا {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فيجمع لهم بين عقوبة الدنيا وعقوبة الآخرة، وذلك لعظم جرمهم وشناعته وبشاعته وعدوانهم على عباد الله.