بمعنى المحبة، كما قال الله تبارك وتعالى:{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}[النساء: ٢٧]، ومعلوم أن هذه الإرادة بمعنى المحبة؛ إذ لو كانت الإرادة إرادة كونية لتاب الله على جميع الناس، فمعنى {يُرِيدُونَ} يحتمل أن المعنى: يحبون أن يخرجوا من النار، ولكن أنَّى لهم ذلك، ويحتمل أن المعنى أنهم يخدعون بمعنى: أن النار ترفعهم حتى يكونوا قريبين من أبوابها، ويريدون الخروج ولكن يردون إلى أسفلها -والعياذ بالله- كقوله تعالى:{كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}[السجدة: ٢٠]، والمعنيان صحيحان هم يحبون ذلك ويفعل بهم ما يكون طمعًا في خروجهم ثم يعادون.
وقوله:{يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} بل هم فيها باقون كما قال تعالى {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ}[الحجر: ٤٨]، وإذا كانوا لا يخرجون منها وهم خالدون فيها أبدًا، دل هذا ولا بد على أن النار باقية أبدًا وهو كذلك، وهذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، وحكي إجماعًا لكن ذكر عن طائفة يسيرة جدًّا، أن النار تفنى بمن فيها، ولكنَّه قول ضعيف بل هو في الحقيقة باطل؛ لمخالفته لصريح القرآن، فإن الله ذكر التأبيد نصًّا صريحًا في ثلاثة مواضع:
الموضع الأول: في سورة النساء، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: ١٦٨، ١٦٩]، الموضع الثاني: في سورة الأحزاب، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الأحزاب: ٦٤، ٦٥]، الموضع الثالث: في سورة الجن لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ}