الهرب، كذلك النكال يمنع السُّراق من أن يسرقوا، فذكر الله تعالى حكمتين:
الحكمة الأولى: مجازاة هؤلاء على فعلهم، أي: السُّرَّاق، لقوله:{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}".
والثانية: منع اعتياد السرقة منهم ومن غيرهم، وذلك في قوله:{نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} ".
قوله:{وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ختم الآية باسمين عظيمين من أسمائه، أولهما: العزيز الدال على العزة والغلبة والقهر، والثاني: الحكيم الدال على نفوذ حكمه، وعلى أن حكمه مقرون بالحكمة؛ لأن حكيم مشتقة من الحُكْم والحكمة، فهو عزّ وجل له الحكم التام، وله الحكمة البالغة. ويُذكر أن أعرابيًا بدويًا جلس إلى قارئٍ يقرأ:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} والله غفور رحيم قال له: اقرأ الآية، قراءتك هذه غير صواب، فأعاد، وقال:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} والله غفور رحيم قال: اقرأ، قرأها الثالثة، فقال {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} قال: الآن أصبت؛ لأنه سبحانه وتعالى، عز وحكم فقطع، ولو غفر ورحم ما قطع.
فانظر إلى ذكاء هذا الأعرابي؛ لأن ختام الآيات في الغالب يكون مطابقًا، ولا يرد على هذا قول الله تبارك وتعالى عن عيسى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} [المائدة: ١١٨]، ولم يقل: فإنك أنت الغفور الرحيم؛ لأنه