للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم: إنه لا يطلع على ما في كتابه هذا من الاعتزال إلا بالمناقيش -يعني أنه خفي- كما أن الشوكة لا تخرج إلا بمنقاش، كذلك لا يمكن أن يخرج الإنسان اعتزاليات صاحب الكشاف إلا بالمناقيش، وضرب لهذا مثلًا: قال: إنه قال: -عفا الله عنا وعنه- في قوله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: ١٨٥] قال: أي فوز أعظم من أن يزحزح الإنسان عن النار ويدخل الجنة، هذا الكلام لا أحد يشعر بأن فيه انحرافًا، لكن إذا علمنا أن الرجل ذكي، وأنه يغلف المعاني بما يخفى على كثير من الناس، فهو يريد بهذا أن ينكر الرؤية أعني رؤية الرب عزّ وجل؛ لأن رؤية الرب عزّ وجل أعظم فوزًا من أن يدخل الإنسان الجنة ويزحزح عن النار، لكن الرجل ذكي، فمثل هذه العبارة يقرؤها الإنسان على أنها عبارة سليمة ليس فيها شيء، ولكن ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قِبله العذاب. الحاصل أن الإنسان لو رجع إلى تفسير الزمخشري وأعجبه بلاغته وحسن أسلوبه لكنه صغير ليس عنده علم، نقول: لا بد أن ينبه على هذا، ويقال: خذ ما يتعلق بالبلاغة، وما يتعلق بالنحو، وما يتعلق بالمعنى، لكن احذر مسألة العقيدة.

إذًا: على أي تفسير نعتمد؟

نقول: أولًا: إن التفاسير الأثرية، أي: التي تفسر القرآن بالآثار عن الصحابة، وعن كبار التابعين، هي أولى ما يلتفت إليه وعلى رأسها تفسير ابن جرير، لكن في تفسير ابن جرير آفة، وهو أنه يطلق التفسير عن الصحابة والتابعين بأسانيد بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف، وكأنه رحمه الله يريد أن يجمع ما

<<  <  ج: ص:  >  >>