المفسرين؛ لأن تعويد الإنسان نفسه على أخذ المعاني أو بعبارة ثانية على تفسير القرآن بنفسه يكسبه فهمًا كثيرًا؛ لأنه امتثال لأمر الله تعالى في قوله:{لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}[ص: ٢٩]، لكن لا تجزم إذا كان الأمر ليس بواضح إلا بعد مراجعة كتب التفاسير.
رابعًا: ومن المفسرين من ينحى منحى آخر، فيذكر المسائل الفقهية مثل القرطبي رحمه الله، فإنه ينحى هذا المنحى، تجد في تفسيره مسائل كثيرة من مسائل الفقه، وهذا ولا شك أنه طيب ويفيد طالب العلم.
والمسألة الثانية في التفسير قال العلماء: يرجع أولًا إلى تفسير القرآن بالقرآن، وهذا كثير، ثم إلى تفسيره بالسنة، ثم إلى تفسيره بأقوال فقهاء الصحابة، ولا سيما من لهم عناية بتفسير القرآن، كابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم، ثم إلى كبار التابعين الذين تلقوا التفسير عن الصحابة كمجاهد.
فمثلًا إذا قال لك قائل: ما هي القوة المذكورة في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: ٦٠]؟ ننظر في القرآن لا نجد تفسيرًا لها، لكن نجد تفسيرها في السنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي"(١).
إذًا نفسر القوة بأنها الرمي، أي: تعلم الرمي، والرمي في كل زمان ومكان بحسبه، وقد كان الناس في السابق يرمون بالنبال وما أشبهها، ثم صاروا يرمون بالبارود، أي: بالبنادق والرصاص، ثم صاروا الآن يرمون بالصواريخ قريبة المدى وبعيدة
(١) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه، حديث رقم (١٩١٧) عن عقبة بن عامر.