للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: نعم، لها إرادة، لقوله تعالى: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} , فالجمادات لها إرادة، أليس النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هذا أُحد يحبنا ونحبه" (١)؟ أليس تسبيح الحصى يُسمع بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام (٢)؟ أليس الله يقول: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: ٤٤]. كل هذا يدل على أن الجماد له إرادة.

الفائدة السابعة عشرة: أنه لا أحد يملك أن يغير مراد الله، لقوله: {فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}.

الفائدة الثامنة عشرة: أن المدار في الصلاح والفساد على القلب، لقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}.

الفائدة التاسعة عشرة: أنه يجب على الإنسان المستدل أن ينظر إلى النصوص من جميع الجوانب، وذلك أنك إذا نظرت إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} لقلت: إن إرادة الله تعالى لتطهير القلب مجرد مشيئة، لكن إذا قيدتها بالنصوص الأخرى عرفت أن عدم إرادة الله تطهير قلوب هؤلاء؛ لأنهم ليسوا أهلًا لذلك، كما قال الله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥]، وكما يبضح هذا جليًّا في قول الله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤].


(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب أحد يحبنا ونحبه، حديث رقم (٣٨٥٥)، ومسلم، كتاب الحج، باب أحد جبل يحبنا ونحبه، حديث رقم (١٣٩٣) عن أنس بن مالك.
(٢) رواه البيهقي في دلائل النبوة (١/ ٤٧) عن أبي ذر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>