للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سهلت الهمزة ياء، فصارت النبي والجمع النبيون، والكل متفقون على أن الرسل عليهم الصلاة والسلام في أعلى مراتب الخلق، وعلى أنهم أتوا بالأنباء والأخبار، فيكون القولان متفقين في المعنى، وإنما قلنا: إن الرسل وكذلك الأنبياء أعلى مراتب الخلق، لقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النساء: ٦٩].

قوله: {الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} {الَّذِينَ أَسْلَمُوا} يعني: الإسلام التام، الذي هو إسلام القلب وإسلام اللسان وإسلام الجوارح، يعني: الاستسلام لله ظاهرًا وباطنًا.

ولا تعجب أن يوصف الأنبياء بالإسلام؛ لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم أقوى الناس استسلامًا لله عزّ وجل، قال الله تبارك وتعالى عن يوسف: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١]، وقال الله تعالى عن إبراهيم: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١)} [البقرة: ١٣١]، فإسلام الأنبياء متضمن للإيمان؛ وذلك لأنه إسلام القلب واللسان والجوارح.

قوله: {لِلَّذِينَ هَادُوا} متعلقة بـ "يحكم"، يعني: يحكم بها هؤلاء الرسل لليهود.

وقوله: {لِلَّذِينَ هَادُوا} بمعنى: رجعوا، وذلك بعد توبتهم من عبادة العجل، فإن هذا رجوع إلى الله عزّ وجل.

قوله: {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ} قيل: إن الربانيين والأحبار العطف فيهما من باب عطف الصفات، وأن الربانيين هم الأحبار، وقيل: بينهما فرق، فالرباني: هو الذي أتم العبودية لله، وربى الناس عليها حتى وإن لم يصل إلى درجة الحبر بالنسبة

<<  <  ج: ص:  >  >>