عليك أن تعالج نفسك، واعلم أن سبب هذا الإعراض هو المعاصي، وأن هناك ذنبًا انبنى عليه هذا الإعراض، والآية صريحة في ذلك:{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} فاستغفر الله للنتيجة والسبب.
وعلى هذا فمن وجد في نفسه إعراضًا عن طاعات كان يفعلها فليكثر من الاستغفار، قال تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران: ١٣٥]، وله أن يكثر من الصلاة إن رأى أن الصلاة توجب رجوعه إلى الحق وانتهائه، فالصلاة لا شك مكفرة وتنهى عن الفحشاء والمنكر، لكن أهم شيء الاستغفار.
الفائدة السابعة: أن كثيرًا من الناس خارجون عن دين الله بالفسوق، لقوله:{وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}، وهل المراد بالناس هنا أهل الكتاب أو العموم؟
إن قلنا: إنهم أهل الكتاب خف الإشكال، وإن قلنا بالعموم؛ صار هناك إشكال؛ لأن أكثر الناس فاسقون فسقًا موجبًا لدخول النار، ودليل ذلك ما ثبت عن النبي -صلي الله عليه وسلم-: "أن الله يقول يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج من ذريتك بعث النار، فيقول: يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون كلهم في النار وواحد من الألف في الجنة"(١) جعلنا الله منهم، وإلى هذا يشير ابن القيم في النونية بقوله:
(١) رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، حديث رقم (٣١٧٠)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب قول الله تعالى لآدم: "أخرج بعث النار"، حديث رقم (٢٢٢) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.