للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتفرع على ذلك أنه عزّ وجل يثني على نفسه بما أنعم به من أجل أن يتحبب لعباده بنعمه، ولهذا جاء في الحديث: "أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم" (١) وهذا هو الموافق للفطرة، أن أي إنسان يحسن إليك فإنك سوف تحبه، هذا وهو مخلوق مثلك فكيف بالخالق عزّ وجل.

الفائدة الثانية والعشرون: أن ما خالف ما جاءت به الشريعة فهو غير مرضي عند الله ولا مقبول، لقوله: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} وهذا يشمل الدين كله الأصول والفروع التي تكون بزعم الفاعل من الدين، فمثلًا: هل رضي الله لعباده الكفر؟ الجواب: لا، وهل رضي لعباده أن يبتدعوا فيم دينه ما ليس منه؟ الجواب: لا، فقوله: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} يعني: بأصوله وفروعه وجملته وجزئه.

الفائدة الثالثة والعشرون: رحمة الله عزّ وجل بعباده حيث أباح لهم المحرم عند الضرورة، وهناك آية تعتبر قاعدة في جميع المحرمات وهي قوله تبارك وتعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] هذه الآية التي تلوتها أخيرًا أعم؛ لأن الآية التي في سورة المائدة {فَمَنِ اضْطُرَّ} أي: إلى ما ذُكِرَ، وليأكل منها، وأما قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] فهو عام شامل.

بقي أن يقال: لو اضطر الإنسان إلى شرب الخمر للعطش.


(١) رواه الترمذي، كتاب المناقب، باب مناقب أهل النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (٣٧٨٩)، والحاكم في المستدرك (٣/ ١٦٢) (٤٧١٦)، والطبراني في الكبير (١٠/ ٢٨١)، والبيهقي في شعب الإيمان (١/ ٣٦٦) (٤٠٨) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>