للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نعم هو منهم في الظاهر لا شك؛ بسبب المعاونة والمناصرة، لكن هل يكون منهم في الباطن؟ نقول: يمكن، قد تكون هذه المناصرة والمعاونة تؤدي إلى المحبة ثم إلى اتباع الملة؛ لأن الذنوب يجر بعضها بعضًا، أما ظاهرًا فالأمر ظاهر، ولذلك قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} [المجادلة: ١٤] يعني: في الباطن، لكن في الظاهر هم مع اليهود مثلًا، والمراد بهم المنافقون في الآية التي سقناها آنفًا، إذا: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} في الظاهر، وربما يؤدي ذلك إلى الباطن ومشاركتهم في عقائدهم وفي أعمالهم وأخلاقهم، وهنا إشكال نحوي في قوله: {من يتولهم} فمن المعروف أن "مَنْ" الشرطية تجزم الفعل، وهنا نجد أن الفعل مفتوح اللام {من يتولهم}.

الجواب: فتحة اللام ليست فتحة إعراب لأن آخر الفعل محذوف، إذًا نقول: هذه مجزومة والفعل المعتل يجزم بحذف حرف العلة، ولولا "مَنْ"، لقيل: "يتولاهم" بالألف.

قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} الجملة هنا استئنافية بلا شك، وهي كالتعليل لقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، كأنه قال: من يتولهم منكم فإنه ظالم، والظلم أصله النقص، ومنه قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: ٣٢، ٣٣]، يعني لم تنقص، إذًا أصل الظلم النقص، والظالم ناقص؛ لأنه لم يأتِ بما يجب عليه فهو باخس نفسه حقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>