- العربي - إلى تاريخ اليهود والنصارى لا شك أنَّه نوع من الموالاة، ولهذا كره الإمام أحمد رحمه الله أن يقول: آذرماه وما أشبه ذلك، والعجب منا نحن العرب! الآن التزامنا بالتاريخ الهجري يقتضيه شيئان: الشيء الأول الدين؛ والشيء الثاني: العروبة، لأنه مبني على مناسبة عظيمة، وهي الهجرة التي بها تكونت الدولة الإسلامية، ولهذا لما اختلفوا في زمن عمر: هل يجعلون التاريخ من البعثة أو من مولد الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ قال:"لا من الهجرة؛ لأن الهجرة هي التي حصل بها تكوين الدولة الإسلامية" فمن ثَمَّ جعلوا التاريخ من الهجرة ولم يجعلوه من ربيع الأول؛ لأن مناسبة كونه في محرم أقوى من مناسبة كونه في ربيع الأول؛ لأن الناس ينصرفون من الموسم: موسم الحج بعد أن أدوا فريضة الصوم وفريضة الحج.
قوله:{يَقُولُونَ} أي: يقولون بألسنتهم بعضهم لبعض، أو إذا لامهم لائم وبقلوبهم أيضًا {نَخْشَى} أي: نخاف {أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرُةٌ} أي: نائبة من نوائب الدهر، والدائرة الشيء المهلك، فنوالي هؤلاء ليكون لنا عندهم يد نحتمي بها.
يقول الله عزّ وَجَلَّ:{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} عسى: من أفعال الترجي، لكنها بالنسبة لله سبحانه وتعالى، أي: لفعله سبحانه وتعالى، لا يمكن أن نقول: إنها للترجي؛ لأن الترجي هو تمني ما يصعب حصوله بعض الشيء، والله عزّ وَجَلَّ لا يصعب عليه شيء، ولهذا قال بعض المفسرين وأظنه ابن عبَّاس: عسى من الله واجبة، أي: بمعنى سيقع حقًّا، لكنه عزّ وَجَلَّ يأتي بعسى في مثل قوله:{فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ}[النساء: ٩٩]،