و"السين" تتفقان في دلالتها على التأكيد، لكنهما تختلفان بأن السين تدل على الفورية، و"سوف": تدل على الإمهال.
وقوله:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}: (بقوم) يعني: غير المرتدين، ولم نتكلم عن الارتداد، الارتداد عن الدين ينحصر في شيئين: إما الجحود وإما الاستكبار، لو قرأت جميع ما ذكره الفقهاء في كتاب المرتد لوجدته لا يخرج عن هذين الأمرين: وهما الجحد أو الاستكبار. الجحد: يعني: التكذيب في الأخبار، والاستكبار: عن الامتثال، كل الردة تعود إلى هذين الأمرين وما يذكر من التفاصيل، فهذا عبارة عن تشقيق لهذه الجملة وتفريع عليها.
وقوله:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ}: ذكر أوصافهم، فلنعددها:"يحبهم" و"يحبونه""أذلة على المؤمنين""أعزة على الكافرين""يجاهدون في سبيل الله""ولا يخافون لومة لائم" ستة أوصاف. يعني: إن ارتددتم فلن تضروا الله شيئًا، ولن تضروا الإسلام شيئًا، بل إن الله سيأتي بقوم هذه صفاتهم:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُونَهُ} فما معنى المحبة؛ المحبة: هي المحبة، ولا يمكن أن تعرفها بأوضح من لفظها، وهكذا جميع الأشياء الانفعالية، لا يمكن أن تحدها بأكثر من لفظها، لو قلت: ما هو الغضب؟ الغضب: هو الغضب، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في الكتاب المنسوب إليه - وهو روضة المحبين - ذكر للمحبة تعريفات كثيرة، لكنه قال: كلها لا تصح، كلها تفسير لها بلوازمها أو آثارها أو ما أشبه ذلك.
قوله:{يُحُبُّهُمْ وَيُحِبُونَهُ}{يُحِبُّهُمْ} هو الله عزّ وَجَلَّ، {وَيُحِبُّونَهُ} لكن يجب أن نعلم أن محبة الله تخالف محبة الإنسان