للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى نفسه وإلى غيره، فقال تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] وأضاف الله السبيل إليه في آيات كثيرة، ولا منافاة فإن الله أضاف السبيل إليه لوجهين: الأول: أنَّه هو الذي شرعه وفتحه طريقًا إليه، والثاني: أنَّه موصل إليه، كما تقول: هذه سبيل مكة، وتعني طريقها الموصلة إليها، أما إضافته إلى المؤمنين فلأنهم سالكوه، فهو يضاف إلى الله باعتبار وإلى المؤمنين باعتبار، فلما اختلفت الجهة لم يكن هناك تناقض.

قوله: {وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}، اللوم: هو العذل، يعني: أن الإنسان لا يخاف إذا جاهد في سبيل الله، وصار عزيزًا على الكافرين لا يهمه أن يلام أو لا يلام؛ لأنه يريد هدفًا آخر، لا يريد أن يكون محمودًا عند الناس ولا مذمومًا عندهم وانما يريد مرضاة الله سبحانه وتعالى.

وقوله: {لَوْمَةَ لَائِمٍ} يعني: أي: لومة من أي لائم، أخذنا العموم من كلمة: لومة وهي واحدة، "لائم": نكرة فيشمل كل من يلوم سواء كان من الأقارب أو الأباعد، أو الأصحاب، أو غيرهم.

قوله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} "ذلك": المشار إليه الاتصاف بهذه الأوصاف، {فَضْلُ اللهِ} أي: عطاؤه ورزقه {يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}، وكلما قرأت شيئًا معلقًا بالمشيئة فاعلم أنَّه مقرون بالحكمة، ولا بد، والدليل على هذا قول الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)} [الإنسان: ٣٠]، فلا يشاء شيئًا إلَّا وهو يعلم أن الحكمة في مشيئته، حتَّى يفعله سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>